صباح الضامن
وتلتقي الزهور مع النسائم في غد مشرق وأمس أطبق على القلوب حتى لظنناه يستديم وعندما تبدأ السحائب التي استسلمت لرقة النسائم تحركها تتراكض سراعاً بأمر الحكيم وتسامر مدائن القلوب الطيبة .. يحلو الكلام .
وتحلو الأناشيد التي تخرج بنغمة واحدة ثم تلتقي على أبواب المستمعين بألف لغة .
يا من ألقى برحله في غربة على كل باب , أنظر من حولك ماذا ترى ؟!
وجوهاً غريبة , آمالاً مقطوفة عنوة , مباديء هدمت وبيعاً نقضت وذاك الحنين إلى دعة , حنين لهدأة وخلاص .
ويا من ألقى برحله أنظر حولك , ماذا ترى !
حكايا أمس تتكرر
قهر الزمان من سكان الزمان يربض على القلوب وشوق لوئام وسلام وصلح مع عمق الذوات فمتى تشرق شمس ٌ صَباح ومتى لا يسرق من عيون أي صباح ومتى نشرب الصبوح دون شوائب الخوف ؟؟؟ لنفتح أبوابنا لنقحم شعاع الفجر فسيدخل مرحباً ولنسمع شدواً جديداً
وقبل السماع
أنظر لمن سبق
غسل وجهه بماء وضوء السحر ووقف وشلال النور يغزو القلب ويجرف أفعال الزمان وقف وصلى ودعى و لبى وحمل همته على كتفيه وأنار قلبه بتسبيح وسار وعمل و تعب وفجأة صُد الباب واقتحمت أبواب النجاة وقفت صخور قاسية صلدة لا تجمع تراباً ولا رملاً ولا عشباً ولا ندى فنبت عليها فراغ القسوة وهجرة الأمل المزهر صامتة جامدة هي , كأنها أخباث الدنيا مركومة .
حزن من سبق وقبع ينظر حلاً ويرجو خلاصا .
أي قيود أسرته !! ومن ذاك الذي راكم الصخور !
استدار واستدار حوله فلم يجد إلا سجادته ومصحفه وفي الزاوية المنسية المبعدة من عمر غرفته الكبيرة كانت هناك كتب من أزمان علت عليها أرواح قديمة .
لا مناص سأحاول أن أغتذي عليها
حدث من سبق نفسه
وابتدأ وكلما أقبل على كتاب يعلمه رصين القول يحس بغربة وتزاد عليه حجارة من صنع خفافيش تأتي بليل أو نهار سيان فكلها تريد حرق كتبه .
ومد يده خائفة ضعيفة ليس بها سلاح قوي يزيل بعضاً منها لتتعثر بمدسوس فيها فأغرقت غرفته بسيول من ورق جديد , خفيف الحركة بريقه كنجوم تتساقط على أرض سهلة المنال عذبة النكهة أليفة للكل ودغدغت أمله وحبه وصار يصرخ محدثاً نفسه
- مالي أنا ومال السيوف فما أفلح في صنع مقبض لها فكري مثقل وجيبي خاو وغرفي بالأخوة الأعداء يتراصون !
وهبط أرضاً مع كتبه يبكون
وخلص لاستسلام لقافلة راحلة إلى دنيا مشدوهة بورود من كل لون ولا رائحة عششت في أركان نفسه ورسمت له بدل الذراعين جناحين وتطاير معهم يغني نغمهم ويشدو شدو إصباح في أول نهار آفل .
-
اتسعت ذراعاه المجنحة فملأ الدنيا حبوراً وتناغم مع خلانه وكلما عانقت الشمس طوفان وجففت له فيضاناً يعيشه.. يحار وكلما استشاطت الأرض غضباً وانغلقت حجارتها من وطيء ابن الإنسان ذي اللبابة , يحار وكلما قال الليل جملة سوداء وأزاح ستاراً ثقيلاً على النفس وكأنه يطول ويطول ولا ينتهي, يحار أما حلقت ُ معهم ؟؟ و يسهب في البحث في خلواته القليلة أما تركت تلك الأعمار التي عاشت على مد الدنيا وما نادمتها من أجل أن أسكن وديانهم ؟ أما خلطت صغائر بكبائر ؟ فمالي أحتار ؟؟ ولا أخرج بسر الكون وأسرار حب عشقته بنفس هادئة .؟ مالي أحزن ولا أصاب مثلهم بحب متأله لكائن أو سراب ؟!
أي حراب تنهشني ؟
أي حالة متولهة للخوف أعيشها ؟
وهبط يرى ريشه وقد تناثر في كل اتجاه فابتدأ ينزع عنه ريشة ضالة تائهة وراء ريشة بعصبية ويحبسهن في صندوق مغادر متن التناسي ولكنه كلما نزع واحدة زُرع له عشرات أشد ألقاً وبهرجة وافتقد الهدأة في صراعها مع الحنين لاجتماع فجر وشفق وصبح من جديد وليتمتم بنشيد آخر فيها فقط نفسه تقول كيف السبيل لصد طوفان الضلال ؟ كيف السبيل لصد طوفان حرب إن انتصر على ضلال ؟ كيف السبيل وجيوش الأخوة الأعداء سوس ينخر جسم الجمال في النفس فيغدو القبح جمالا ؟ كيف!!
وها أنا أعيش بؤس الدار والخلان
سادر تاهت مني نقاط الحروف وتشابكت أغصاني أشاكل أوقاتي بأوقات غيري لعلي ألمح لوني فلا أفلح وسقط ......
3- وهاجر إلى شطآنه داخلاً فبينما هو يمشي متعكزا على بقايا روحه لمح مداً قذف له بقارورة على إحدى الشطوط بها أفكار من سبق تبرق أمامه برقٍ مطوي مخفي في زجاجة درية ,, ونظر حواليه فلم يجد غيره وتخوف من اقتحام
- أين هم .. ؟؟ حدث نفسه قائلا
ألا يكفي أنهم قذفونا على فيافي الأزمان , ربطوا لنا خيولنا وقالوا كروا لتصبحوا أحرارا !
أين من يأخذ بيدنا ؟
آه !! ما خطو صغير مندفع أعان ! ولا عكاز سنين بعبق الماضي المرسوم عليها أعان .
و لا تلك الزجاجة الملقية محشوة تبرق بأفكار تخيف .. تعين أو ستعين ورجفت يده فلما فتحها بفضول يائس انطلق منها أثير ذو رائحة مسكية غريبة على نفسه , اقشعر منها ثم استكان وابتدأ يقرأ أناشيد الصباح من أشعة انسكيت واحدة تلو الأخرى تقول له يا من ألقى برحله تخفف فدونك الأشعة مع أنشودة في السحر تسبيح وتسبيح ومع الضحى عمل ولا ملل ومع النهار أنشودة الشمس التي اعتلت تجفف المدامع من كل عين لها رق أبيض واسع لا يتعب لا يحزن لا يمل كتب عليها حروف الضياء فانسكبت توحي بدفء غلائلها من نور وسموقها من ارتقى إليه في حبور قديمة ومن أصالتها إن أعطت لا تمنع فقد خلقت لتعطي في كل شعاع رأي عال يرفع من يسعى إليه وفي كل شعاع كتاب قويم من أصل خالد من قرأ فيه تعتليه سكينة واطمئنان ويحيط بقارئه سلاحاً يدرأ عيون المتلصصين إثما وشعاع من سير من سبق جرأة وإقدام دين وإيمان فما أخذوا معهم لما ساروا خوفاً ولا أخذوا دنيا ولا جناحين ببريق ضال وشعاع من صبر على تيار صقيع من أخوة تعادوا أو أعداء غرباء وشعاع من ابتسام ترياق يسكن النفس لتحمل هم غربة لمن أحضر معه عناكب حاقدة مسمومة لتقصي أبيض النوايا وتدمر نمو خلايا الهناء وشعاع من تفكر لم أحار ب؟؟ وكيف أنتصر وابتدأت الأناشيد وضاحة المحيا في دنيا من ألقى برحله وكاد أن يغادر تصافح فؤاده فأنشد معها وارتدت له رجع أناشيده قوة وصبرا وألفة وارتدت له ليس بصوته بل بصوت طفل شق أرض الفضاء ينمو ليحمل لألنغام المسبحة العاملة فسار غريبا عن بحر الضلال والتقى بمن ألقى رحالاً يتخفف ويحمل أثقالاً بها يطير مثله غرباء بأناشيد صبح لما يسير النسيم يسوق الذين اتقوا إلى الجنة زمرا .