يرى بعض المؤرخين للكرة السعودية - وما أقلهم - أن صياغة أداء المهاجم السعودي لم تتضح سوى مع بدء المشاركة السعودية في دورات الخليج، حيث تعرف الجمهور السعودي والخليجي على قدرات مهاجمين أفذاذ بقيادة سعيد غراب الذي شكل وحده صورة معينة للمهاجم الخطر والماهر والقوي واللائق بدنياً، فأجمعت عليه جماهير الكرة في تلك الحقبة، وقد عايشه مهاجمون مميزون مثل النور موسى ومحمد سعد العبدلي.
ومع تتابع دورات الخليج ظهر مهاجمون جدد وإن كانوا بدرجة كفاءة ومهارة وصلابة أقل مثل محسن بخيت وناجي عبدالمطلوب والصاروخ وخالد سرور.
ويمكن القول إن جيل دورات الخليج أسس اللبنة الأولى لمهاجمي الكرة السعودية في المنافسات التالية وبالذات في الإطار القاري الذي بدأته الكرة السعودية بمجد إحراز كأس آسيا 1984، وكانت تلك مناسبة لظهور مهاجمي الأخضر، وعلى رأسهم الهداف المطلق للأخضر في تاريخه المديد ماجد عبدالله (142 هدفاً في لقاءات رسمية وودية).
وبداية معرفة ماجد كهداف على مستوى القارة كانت مع التحاقه بمنتخب الناشئين في دورة تبريز الإيرانية التي توج فيها بأول لقب لهداف في بطولة خارجية في تاريخ الكرة السعودية، وشارك ماجد الهداف التميز حينها كل من زميليه الهدافين البارعين شايع النفيسة ومحيسن الجمعان على صغر سنه آنذاك.
والمفارقة أن ظروف وسمات المنتخب الحالي تتشابه حتى على مستوى الأداء الفردي والجماعي مع سمات أداء منتخب 84 هجومياً، دون أن ننسى الإشارة لمسألة تقتضيها المهنية الأخلاقية أن اللقب القاري الأول للكرة السعودية في آسيا جاء بجهد تدريبي متمثل بالمدرب الوطني خليل الزياني الذي وظف ما توفر له من قدرات وإمكانيات ومهارات فردية لا تجارى لمصلحة الأخضر ليتحقق الفوز التاريخي الكبير للكرة السعودية.
جيل بطولة 1988
خطا أفراد خط الهجوم السعودي خطوات البطولة السابقة التي تحققت بفضل قدرات هجومية سعودية ضاربة زلزلت متاريس دفاعات منتخبات القارة مثلها من كل من البارعين ماجد عبدالله وشايع النفيسة ومحيسن الجمعان، وهو الثلاثي الذي صنفته صحافة كورية وصينية بأنه لم يمر على القارة الصفراء ثلاثي بسرعته وخطورته وتكامله البدني والمهاري.
وكما استفاد الزياني من ثلاثي 84، جاء دور البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا ليضع لنفسه بصمة مع الأخضر بتعاون خط الهجوم الذي تغيرت طريقة أدائه وجمال أساليبه الفنية بفعل اختلاف عقلية ألبرتو عن الزياني، فدخل هذا البرازيلي بطولة الدوحة برؤية هجومية تعتمد على عمل جماعي لا يتوقف على عناصر الهجوم فقط، إذ كان يقوم بدور الهجوم عنصر قادم من الخلف مثل النجمين يوسف الثنيان وفهد الهريفي, مع مشاركة متقطعة من النجمين محيسن الجمعان وسعد مبارك، فيما تراجع أداء ماجد عبدالله وتحديداً حاسته التهديفية التي لم تفلح سوى لهز شباك منتخب إيران.
وتراجع تأثير عناصر خط الهجوم في مشاركة 92 التي فقد فيها الأخضر لقبه، حيث لم يسهم مهاجمو الأخضر الجدد في رسم هوية أدائية لهم تدفع بأداء المنتخب للظفر باللقب الذي ارتمى في أحضان اليابانيين لأول مرة في تاريخهم الكروي.
ومن مكاسب تلك المشاركة تراكم التجربة الميدانية للمهاجمين سعيد العويران وفهد المهلل التي برزت بشكل أوضح في المشاركة التالية في الإمارات عام 96، والتي عرف فيها نجوم الأخضر المهاجمون طريقهم لمرمى المنافسين وقادوا المنتخب للقبه الثالث قارياً.
وتذبذب أداء هجوم الأخضر في نسخة لبنان عام 2000 التي كان الأخضر ولاعبوه قاب قوسين أو أدنى من لقبها لولا ضياع الضربة الجزائية من قدم المبدع حمزة إدريس.
ووقع الأخضر في فخ الهبوط والتراجع الأدائي في مشاركة الصين المخيبة للآمال عام 2004 التي لم يستطع عناصر خط الهجوم فيها تحقيق شيء يذكر، فكان كبقية خطوط الأخضر السعودي سلبياً غير فعال.
عوداً على بدء 2007 = 1984
إذا كان هجوم منتخب بطولة سنغافورة عام 1984 أنعش كل محب للكرة السعودية في حينها, فإن هجوم منتخب بطولة 2007 فعل الأمر نفسه، وساهم بطريقة أو بأخرى في صياغة هوية جديدة تتمثل في الجماعية على حساب الفردية المطلقة..!!
فواقع خط الهجوم الأخضر في المشاركة الأخيرة يصل إلى حد التطابق في الظروف المحيطة بالمنتخب مع جيل 1984.
وعندما نقول بتشابه الحال فذلك لا يعني عقد مقارنات فردية أو عناصرية كما يفضل البعض، لكن هي مجرد مقارنة محصلة ظروف ومحصلة هوية، وإلا فإن المقارنة الإجمالية هي في الأصل ظالمة لكونها تصب لمصلحة من أنجز وأشهر ولفت أنظار قارة بأجمعها للكرة السعودية.